كيف أتجنب التأثر بكلام الناس والتخلص من الألم الذي يسببه لي؟
هل يستطيع الإنسان الطبيعي أن يتقن فن عدم الاهتمام بكلام الناس بحيث لا يؤثر فينا؟ أعلم أن الدعاء قد يغير كل شيء ولكن في نفس الوقت أعتقد أن ذلك طبيعة بشرية بحيث لا نستطيع أن نكبح أحاسيسنا 🤕 لأنها أقوى من المنطق لقوله عز وجل (فلا يحزنك قولهم) 😢
سؤالك عميق وجميل، ويحمل الكثير من الحساسية والوعي... ✨
نعم، الإنسان الطبيعي يمكنه أن يتعلم فن عدم التأثر بكلام الناس، لكن هذا لا يعني أنه لن يشعر، بل يعني أنه يتعلم كيف يوجّه مشاعره ويتعامل معها، لا أن يُطفئها تمامًا.
دعيني أشاركك هنا تأمّلاً نفسيًا وروحيًا مستندًا إلى كلامك:
🌿 أولًا: "فلا يحزنك قولهم"
هذه الآية الكريمة لم تأتِ لتقول للنبي ﷺ: لا تحزن أصلًا.
بل قالت له: "فلا يحزنك قولهم"، لأن الحزن سيحدث،
لكن الله يخاطبه ليُسكن قلبه:
"لا تجعل كلامهم يكسر روحك، فأنا أعلم الحقيقة وهم لا يعلمون."
فإذا كان خير الخلق حزن من كلام الناس،
فكيف لا نحزن نحن؟ 🥺
لكن الفرق هو:
هل نمكث في هذا الحزن ونتركه يقودنا؟
أم نتعلّم كيف نخفّف وقعه ونتجاوزه؟
🌸 ثانيًا: المشاعر أقوى من المنطق؟ نعم، ولكن...
نعم، أحاسيسنا أحيانًا أقوى من المنطق،
لكن هذا لا يعني أننا ضعفاء، بل يعني أننا بشر.
الهدف ليس أن "نتبلّد" أمام الكلام الجارح،
بل أن نقول لأنفسنا:
"أنا حزنت، نعم... لكن لن أسمح لهذا الحزن أن يعرّفني أو يقتل سكينتي."
وهنا يأتي دور الوعي والتدرّب النفسي:
-
أفهم لماذا أثر فيّ هذا الكلام
-
أراجع علاقتي بنفسي: هل أنا أصدق ما يقولونه؟
-
أمارس التكرار الإيجابي لنفسي: "أنا لست ما يقوله الناس، أنا ما أختاره لنفسي"
🧠 ثالثًا: هل يمكن التدرّب على عدم التأثر؟
نعم، لكن ليس عن طريق القوة أو "التطنيش"،
بل من خلال خطوات عملية مثل:
-
التمييز بين النقد والبذاءة:
ليس كل من يعلق يستحق الإصغاء. -
كتابة ما قاله الناس – ثم الرد عليه بلغة عقلانية:
هذا التمرين يساعد على إعادة السيطرة على الذات. -
البحث عن الصوت الداخلي الصادق:
صوتك أنتِ، لا أصواتهم. -
اختيار من نمنحه صلاحية التأثير:
ليس كل شخص له الحق في أن يوجّهنا أو يجرحنا.
💭 وأخيرًا: كلما اقتربت من الله، صغُر الناس في نظرك
حين تذكّرين نفسك أن الله وحده يعلم النوايا والحقائق،
تقلّ الحاجة لإرضاء الناس… وتزيد الراحة.
(إن الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)
قولي في قلبك دائمًا:
"أنا لست ما يقولون، بل أنا ما خلقني الله لأكونه."
- أولها: نظرتك أنت إلى ذاتك، هل تنظر لها كما ينظر إليها الأخرون؟ عليك أن تكون صديقا صدوقا لذاتك، تركز على إيجابياتها، وتعالج سلبياتها، بدلا من أن تقف إلى صف أعدائك وتنتقدها وتقلل من شأنها.
- ثانيا: مكانة أولئك الناس الذي يتحدثون عنك بالسوء، لديك، هل لهم مكانة كبيرة في عقلك، في قلبك، في حياتك، الناس التي لا تهمك لن تؤثر سلوكياتهم نحوك كثيرا، فحتى الاعداء قد تكون لهم مكانة في قلوبنا من حيث لا نعلم، هل هم الأقارب أصحاب المكانة المقدسة في قلوبنا كالأم أو الأب أو العم، والخال وغيره، إن كان الأمر كذلك فعليك ان تعلم لهم حق الإحترام فقط، لكن ليس لهم حق التصنيف، ليس من حق أي منهم أن يصنفك، لانهم مجرد بشر مثلك، قد يصنفونك بسبب خلفياتهم الثقافية، أو مشاكلهم النفسية، أحترمهم وابقى على تواصل معهم، لكن لا تسمح لهم أبدا باستنقاصك، احمي نفسك من انتقاداتهم المضرة.
- ثالثا: تقييمك لذاتك، على ماذا يعتمد؟ يجب أن تكون لديك وسائل تقييم منطقية وصحية، وصحيحة لذاتك، تعمد عليها في تقييم نفسك، بدلا من الإعتماد على نظرة الناس إليك، أو مشاعرهم نحوك، فالناس مجرد كتل من الأعصاب والمشاعر في ما يخص العلاقات، يتغيرون، ويطلقون ألسنتهم بما يحتاجون إلى قوله وليس دائما بما هو حقيقي أو صحيح، فقد يحتاج احدهم إلى سبك أو شتمك لكي يطفأ نار الغيرة التي تحرق قلبه منك، أو يخفف من حزازة الحقد عليك في قلبه، فهمت يا صديقي ما أقصد،
- كن صديقا حكيمة منصفا صدوقا لذاتك وستجد كيف سترتاح نفسيتك، مهما ظلمك الآخرين بسوء ظنهم فيك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق