ماذا تفعل إذا سمعت كلامًا يؤذيك؟

 "فن التحرر من أسر كلام الناس"

نحن لا نعيش في عزلة، والكلمات التي تُقال حولنا أو عنّا قد تترك أثرًا لا يُرى، لكنه يُحس بعمق.
قد تسمع كلمة عابرة من قريب أو غريب، فتقلب يومك رأسًا على عقب… أو تسكن فيك لفترة طويلة، تُضعفك أو تزعزع ثقتك بنفسك.

في هذا المقال نفتح نافذة لفهم تأثير كلام الناس علينا، وكيف نتعلّم التعامل معه بوعي ونضج نفسي.


🔹 أولًا: هل كلام الناس يؤثر في حياتك؟

نعم، في الغالب يؤثر – لأن الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته.
لكن المشكلة ليست في الكلام ذاته، بل في مدى سماحك له بالدخول إلى عمقك.

تأمل هذه الأسئلة:

  • هل تقضي وقتًا طويلًا في تذكّر الكلام السلبي؟

  • هل تغير سلوكك خوفًا من نظرة الآخرين؟

  • هل تنتظر دائمًا مدحًا لتشعر بأنك جيد؟

إن كانت الإجابة "نعم"، فربما تحتاج إلى إعادة ترتيب علاقتك برأيك في نفسك قبل علاقتك بكلام الناس.


🔹 ثانيًا: ماذا تفعل إذا سمعت كلامًا يؤذيك؟

1. توقف – لا تتفاعل فورًا

لا ترد وأنتَ منزعج أو مكسور. دع الألم يأخذ لحظته، لكن لا تسمح له بالقيادة.

2. قيّم الكلمة: هل تحمل شيئًا من الحقيقة؟

  • إن كانت نقدًا بنّاءً: خذه، ولو قاسيًا.

  • وإن كانت سخرية أو تجريحًا: فلا تعطه قيمة لا يستحقها.

3. ذكّر نفسك بهويتك الحقيقية

أنتَ لست الصورة التي يرسمها الآخرون لك.
أنت لست رأيهم، ولا مشاعرهم، ولا أحكامهم.
بل أنت ما تقوله لنفسك عن ذاتك، وما تعيشه في واقعك.

4. استعن بموقف روحاني

قل لنفسك:

"اللهم اجعلني خيرًا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون."


🔹 ثالثًا: كيف تتخلص من كلام الناس السلبي؟

▫️ لا تأخذه على محمل شخصي دائمًا

كلام الناس غالبًا يعكسهم هم، لا أنت.
الشخص الجارح يتكلم من وجعه، أو حقده، أو ضعفه، وليس من حقيقتك.

▫️ حرّر ذاكرتك من الإعادة المستمرة

كلما استرجعت الكلمة، تضاعف أثرها.
تدرّب على طردها، واستبدالها بكلمة إيجابية أو آية تسكن قلبك.

▫️ ابْنِ درعًا داخليًا: "ما أعرفه عن نفسي يكفيني"

حين تكون في سلام داخلي، لن يُؤذيك الخارج بسهولة.

▫️ لا تخجل من طلب الدعم

صديق، أو مرشد نفسي، أو حتى مساحة للكتابة – كلّها تساعد على التحرر من السموم اللفظية.


🔹 رابعًا: كتب مفيدة في هذا الباب

إليك بعض الكتب التي تعالج هذه القضايا:

  • "لا تأخذ الأمور على محمل شخصي" – من سلسلة الاتفاقيات الأربعة (دون ميغيل رويز)

  • "قوة الآن" – إيكهارت تول (حول الحضور وعدم الانجراف في الذكريات المؤذية)

  • "الذكاء العاطفي" – دانييل جولمان (لفهم ردود الفعل والمشاعر)

  • "حديث مع الذات" – شريف عرفة (عن كيف نتكلم مع أنفسنا ونكوّن ثقتنا)


🧭 وأخيرًا: نصيحة من القلب

حين تسمع كلامًا يؤذيك، اسأل نفسك:

"هل أريد أن أعيش أسيرًا لهذه الكلمة؟
أم أنطلق حرًّا في طريقي الذي اخترته لنفسي؟"

الناس سيتكلمون دائمًا،
لكن الأهم: من هو المتحدث الذي تُصغي إليه في داخلك؟

تعليقات