لماذا يبكي المريض النفسي ؟

 لماذا يبكي المريض النفسي كثيرًا؟

وهل البكاء علامة ضعف… أم صرخة من الداخل؟**

مقدمة:

قد ترى شخصًا يبكي كثيرًا، وربما دون سبب واضح.
فتسأله: "ما بك؟"
فيهزّ رأسه… ولا يجيب.

في كثير من الحالات، لا يكون البكاء مجرد دموع.
بل يكون تعبيرًا غير مباشر عن ألم داخلي لا يمكن شرحه بالكلمات.

فلماذا يبكي المريض النفسي بهذه الطريقة؟ ومتى يكون البكاء مؤشرًا مهمًّا يجب عدم تجاهله؟


أولًا: البكاء ليس ضعفًا… بل ترجمة لألم غير مرئي

البكاء عند الشخص المصاب باضطراب نفسي ليس دائمًا بسبب حادث أو موقف مباشر.

بل قد يكون:

  • تعبًا متراكمًا لم يجد له مخرجًا.

  • شعورًا بالفراغ أو العجز أو الوحدة.

  • أفكارًا مرهقة لا تتوقف.

  • احتياجًا عميقًا للفهم والاحتواء.

هو لا يبكي لأنه لا يستطيع التحمل، بل لأنه تحمّل كثيرًا دون أن يشعر به أحد.


ثانيًا: متى يكون البكاء علامة على اضطراب نفسي؟

حين يصبح البكاء:

  • متكررًا دون سبب خارجي واضح.

  • مصحوبًا بشعور دائم بالحزن أو الذنب أو اللاجدوى.

  • مترافقًا مع انسحاب اجتماعي أو فقدان طاقة.

  • لا يتوقف بسهولة، أو يظهر في مواقف عادية جدًّا.

في هذه الحالات، قد يكون البكاء عرضًا لاضطراب مثل الاكتئاب أو القلق أو حتى اضطراب ما بعد الصدمة.


ثالثًا: ماذا يحتاج المريض النفسي حين يبكي؟

لا يحتاج إلى:

  • أن يُقال له: "توقف عن البكاء."

  • أو أن يُسكت وكأنه يزعج.

  • أو أن يُعالج بكلمات مثل: "شدّ حيلك"، "كن أقوى"، "هذا لا يستحق الدموع."

بل يحتاج إلى:

  • مساحة آمنة يبكي فيها دون حكم.

  • كلمة صادقة تقول له: أنا أسمعك، حتى وإن لم تفهمني.

  • حضنًا أو يدًا على الكتف، تقول دون كلام: لست وحدك.


رابعًا: ماذا وراء البكاء الطويل؟

أحيانًا يكون البكاء صرخة غير منطوقة:

  • "أشعر أنني غير مرئي."

  • "أحتاج إلى مساعدة، لكني لا أستطيع طلبها."

  • "أنا مرهق من كل شيء… حتى من نفسي."

وكم من دمعة كانت أقوى من صراخ، وأصدق من حوار طويل.


خامسًا: كيف نتعامل مع البكاء بشكل سليم؟

  1. كن صبورًا: لا تسأله "لماذا تبكي؟" فورًا. فقط كن معه.

  2. لا تُجبره على الحديث: بعض الدموع تقول ما لا تقدر الكلمات على قوله.

  3. قدّم المساعدة دون ضغط: "هل ترغب أن نذهب معًا إلى شخص مختص؟"

  4. تذكّر: وجودك في لحظة بكاء قد يكون دواءً لا يُقَدّر بثمن.


خاتمة:

لا تُخفِف دمعة مَن يُبكيه العالم كله…
فقط اجلس بجواره، وكن ضوءًا صغيرًا في عتمته.
المريض النفسي لا يحتاج من "يمنعه من البكاء"، بل من يراه حين يبكي، دون أن يبتعد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق